Table of Contents
مرض النقرس – داء الملوك
عندما تزداد نسبة حمض اليوريك في الدم، يتظاهر النقرس على شكل نوبة حادة من التهاب المفاصل تسمى نوبة النقرس. يرجع ذلك إلى ترسب بلورات حمض اليوريك في المفاصل أو في الأنسجة. لعلاجه، من الضروري البدء بعلاج الأعراض بالإضافة إلى علاج السبب.
1- ما هو النقرس؟
ينجم النقرس الأولي (البدئي) عن زيادة حمض اليوريك، وهي مادة موجودة بشكل طبيعي في الدم، وتسمى هذه الحالة بفرط حمض اليوريك في الدم.
يتجلى ذلك من خلال هجوم حاد من التهاب المفاصل المؤلم بشدة يسمى هجمة النقرس والذي يتميز بترسبات بلورات اليورات التي تستقر في مناطق تحت الجلد (Tophi-Tophus) بالإضافة إلى الإصابة الكلوية.
2- أسباب وعوامل خطر الإصابة بالنقرس
قد يكون هذا الفائض من حمض اليوريك في الدم ناتجًا عن:
- فائض في الإنتاج من استقلاب البروتين.
- خلل في الإطراح البولي.
- أو لهذين السببين المرتبطين.
نحدد عدة أسباب لهذا المرض:
الوراثة
في النقرس الأولي، غالبًا ما نجد عاملاً عائلياً وراثياً يسبب اضطرابات إنزيمية في استقلاب البيورينات، وهي عائلة من الجزيئات مشتقة من جزيء النيتروجين.
النتيجة: تعاني الكلى من صعوبة في التخلص من حمض اليوريك وهو أكثر تواجدًا في الدم.
في الغالبية العظمى من الحالات، يعتبر النقرس مرضًا ذكوريًا، وتحدث النوبة في متوسط الخمسينيات من العمر.
عند النساء، لا يظهر النقرس إلا بعد انقطاع الطمث.
يتراوح معدل الإصابة بالنقرس من 0.3٪ في أوروبا والولايات المتحدة إلى 8٪ بين الماوريين في نيوزيلندا.
النظام الغذائي
يمكن أن تزداد مستويات حمض اليوريك (حمض البول) في الدم من خلال اتباع نظام غذائي غني جدًا بالمنتجات الحيوانية (مخلفاتها، واللحوم الباردة، واللحوم المجففة، ومرق اللحم، والسردين، وأسماك الأنشوفة، وما إلى ذلك) مما يؤدي إلى مدخول عالٍ من البيورينات.
هناك عوامل أخرى مرتبطة بنمط الحياة مثل نمط الحياة المستقرة والسمنة ولكن قبل كل شيء تلعب الكحول عاملاً مؤهلاً واضحاً.
في النقرس الثانوي، يكون حمض اليوريك الزائد في الدم ناتجاً عن التدمير الزائد للنيوكليوبروتيدات الخلوية:
- التسمم بالرصاص
- اعتلالات الدم (مرض فاكويز، اللوكيميا، الورم النقوي، العلاجات الحالة للخلايا).
- فاقات الدم الانحلالية
- حروق شديدة
- علاجات معينة: الكورتيكوستيرويدات ومدرات البول الثيازيدية.
- الفشل الكلوي والتهاب كبيبات الكلى الحاد.
- في الأطفال: مرض ليش نيهان (اعتلال الرقص، اعتلال الدماغ، تشويه الذات)، النوع الأول من داء الغليكوجين.
3- أعراض النقرس
هجمة النقرس الحادة
يرجع الألم إلى ترسيب بلورات حمض اليوريك في المفصل أو في الانسجة.
غالبًا ما يشكو المريض من إشارات تحذير في اليوم السابق:
- التعب.
- حالة تشبه الانفلونزا.
- صداع.
عندما تحدث الهجمة، فإنها تتجلى بشكل آلام في مفاصل الأطراف السفلية:
- إبهام القدم: في 56 إلى 78٪ من الحالات من الهجمة الأولى.
- الأرجل.
- الكاحلين.
- مفاصل أصابع اليد.
- الرسغ.
- المرفقين.
- الركبة.
التهاب المفصل: احمرار، سخونة، زيادة حجمه، مؤلم للغاية، يمنع المريض من النوم. يكون لدى المريض حس بأن قدمه وقعت في مصيدة ذئب (النقرس الكلاسيكي) بسبب الألم الشديد.
ترتفع درجة الحرارة حتى 38 درجة مئوية ويحدث تعرُّق وهياج.
المفصل يكون موضع وذمة قاسية وشديدة مؤلمة مع احمرار المفصل بالإضافة إلى عجز وظيفي مطلق: لا يمكن للمريض وضع قدمه على الأرض.
تحدث النوبة الحادة فجأة في منتصف الليل لدى الشباب. في معظم المرضى، تستمر من أسبوع إلى أسبوعين. يمكن أن تحدث نوبة ثانية في حال عدم العلاج.
إصابة إبهام القدم:
يوجد سبب مثير في بعض الأحيان:
- الرضوض الخفيفة (المشي العادي والمشي لمسافات طويلة اللا اعتيادي)
- التعب
- عشاء مع كثير من الماء.
- التدخل الجراحي، إلخ.
في الصباح الباكر، تهدأ النوبة. إن تكرار الهجمات كل ليلة يشكل نوبة النقرس. الفترة الفاصلة بين النوبات تكون خالية من أي أعراض.
النوبات تكون متباعدة في البداية، ثم أقل وأقل، تبدأ المفاصل بالتأثر بالإصابة، تظهر الانتفاخات (Tophus). وهي ترسبات بيضاء من يورات الصوديوم، نوع من العقيدات المتحجرة، الصلبة أو اللينة، البطيئة التطور، تحت الجلد الموجودة في المفاصل، على العظام، في الجراب المفصلي، الأوتار، الأغماد الزليلية، صيوان الأذن والوجه الخلفي للمرفقين والقدمين (أوتار العرقوب) واليدين. يمكن أن تكون هذه الكتل موقعًا لالتهاب حاد.
النقرس المزمن
تنتهي المفاصل بالتشوه: اعتلال المفاصل اليوريمائي ناتج عن وجود العقيدات في الأغماد الزليليّة. والأكثر تضررًا هي اليدين والقدمين والكاحلين والركبتين.
4- تطور مرض النقرس
تتأثر الكلى في 10 إلى 30٪ من الحالات. تحدث نوبات القولنج الكلوي بسبب حصيات اليورات (تحصي كلوي). يمكن أن تؤدي ترسبات حمض اليوريك في الكليتين إلى تطور اعتلال الكلية الخلالي وإلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.
تكون حصوات حمض اليوريك شفافة في الأشعة السينية (لا تُرَ) وبالتالي فهي غير مرئية في صورة الأشعة السينية العادية.
5- تشخيص النقرس
صور الأشعة ليست مفيدةً جداً إلا في الحالات المتقدمة لأن النقرس الحاد ليس له علامات شعاعية خاصة به. الفحوص البيولوجية أكثر أهمية.
في النقرس الحاد
- يزداد حمض اليوريك (فرط حمض يوريك الدم) أكثر من 0.080 جم / لتر (476 ميكرو مول / لتر).
- زيادة معدل سرعة التثفُّل.
- هناك زيادة عدد الكريات البيض مع فرط في الخلايا عديدات النوى.
في النقرس المزمن
- زيادة حمض اليوريك.
- قد يكون معدل إفراز حمض اليوريك في البول طبيعيًا أو منخفضًا أو مرتفعًا.
- دراسة السائل الزليلي عن طريق البزل تظهر بلورات حمض اليوريك.
- وظائف الكليتين تكون ضمن الطبيعي (اليوريا، الكرياتينين، إلخ).
6- لا ينبغي الخلط مع
- النقرس الكاذب لاعتلالات المفاصل الاستقلابية الأخرى (التهاب الغضروف المفصلي المكلّس المنتشر).
- التهاب المفاصل القيحي (الجراثيم الشائعة أو السلية).
- الروماتيزم تحت الحاد القابل للشفاء عند البالغين.
- التهاب المفاصل: التهاب المفاصل الروماتيزمي، إلخ.
- التهاب النسيج الخلوي والتهاب الجراب والتهاب الأوتار.
- نوبة احتقانية أثناء هشاشة العظام (إبهام القدم الأروح).
- الحمى الرثيانية الحادة.
- متلازمة فيسينجر – ليروي – رايتر Fiessinger-Leroy-Reiter
7- علاج نوبة النقرس الحادة
- الراحة في السرير باستخدام طوق لتجنب ثقل أغطية السرير على المفصل المؤلم.
- العلاج بإدرار البول أكثر من 2 لتر / يوم من المشروبات.
- الإلغاء التام للمشروبات الكحولية (النبيذ والبيرة).
- كمية سعرات حرارية كافية تصل إلى 2000 سعرة حرارية أغلبها كربوهيدرات.
- كولشيسين: 3 ملغ في اليوم الأول (3 حبات 1 ملغ بفاصل 3 ساعات لكل منها)، 2 ملغ في اليوم الثاني ثم 1 ملغ / يوم في الأيام التالية.
- يمكن أيضًا وصف مضادات الالتهاب اللاستيرويدية Profenid, Indocid
8- العلاج الجذري والتغذية عند مرضى النقرس
يُستطب العلاج الجذري للمرض في حال النوبات المتكررة، والنقرس المزمن (وجود العقيدات، واعتلال المفاصل، ومضاعفات كلوية) أو فرط حمض يوريك الدم طويل المدى.
لا ينبغي أن يبدأ هذا العلاج بعد أقل من شهر من نوبة النقرس. عند البدء يجب إنهاء العلاج دون انقطاع أبداً.
التوصيات العلاجية
- إنقاص الوزن التدريجي للمرضى الذين يعانون من البدانة (النظام الغذائي يجب أن يكون قليل الدسم ومنخفض السعرات الحرارية).
- علاج إدرار البول: اشرب أكثر من 2 لتر / يوم (ماء بيكربونات من نوع Vichy مثلاً والمياه المعدنية مثل Evian أو Vittel أو Contrexevulle، الشاي، شرب الأعشاب المتنوعة) وذلك من اجل التخلص من الكثير من السوائل.
في حالة التعرق (الحرارة، النشاط البدني) يجب شرب المزيد أيضاً. لذلك يوصى باستخدام ماء Vichy وبيكربونات الصوديوم بكميات دقيقة (باستثناء حالات ارتفاع ضغط الدم الشرياني أو قصور القلب).
قد تكون عصائر الحمضيات (الليمون الحامض والبرتقال)، السيترات مناسبة أيضاً.
يتم التحكم في حموضة البول باستخدام ورق كاشف للأس الهيدروجيني (درجة الحموضة) في البول الحديث. يجب أن تكون درجة الـ PH بين 6.5 و 7.
- النظام الغذائي منخفض البيورينات (منخفض حمض البول).
يجب أن يلغى من النظام الغذائي
- زوائد الذبائح (غدة التيموس عند العجل الصغير، الكبد، الكلى، الكرشة، رأس العجل، اللسان).
- السردين والأنشوفة والسمك المملح وبيض السمك والذوائب.
- مستخلصات اللحوم (مرق، عصير، هلام).
- اللحوم الباردة والمقددة، الطرائد البرية.
- لحوم الحيوانات ذات العمر الصغير (الغير بالغة بعد) (لحم العجل، الديك الرومي، الديك الرومي).
- مخ الحيوانات.
- الفطور.
- الأجبان المخمرة جدا
- مايونيز، كريمة، صلصة دهنية.
- الأطعمة المقلية والشوكولاته والكاكاو.
- نبيذ بورجوندي، شمبانيا.
يجب أن يحد النظام الغذائي من
- اللحوم والأسماك (100 غ في اليوم) والصدف والمحار.
- الخضار المجففة (البازلاء والعدس) والسبانخ.
- البيض والحليب ومشتقات الألبان.
يسمح النظام الغذائي بما يلي
- الدجاج، السمك: مرة واحدة في اليوم ستة أيام في الأسبوع.
- الأدوية.
عندما يكون النقرس ناتجًا عن زيادة إنتاج حمض اليوريك، يتم استخدام الألوبيورينول.
يرتبط الكولشيسين بهذا العلاج في حالة وجود خطر الإصابة بنوبات النقرس الحادة: قرص واحد في اليوم.
في عام 2011، نبهت وكالة الأدوية الفرنسية الأطباء إلى المخاطر المحتملة لتداخل هذا الدواء مع بعض الصادات الحيوية.
عندما يكون النقرس ناتجًا عن خلل في الإطراح الكلوي، يتم وصف خافضات حمض البول، بشرط ألا يكون هناك قصور كلوي وتحت التغطية بالكولشيسين.
يجب على المريض أن يميز بوضوح بين محوري العلاج الدوائي. الهدف من الكولشيسين هو منع تكرار الالتهاب، لكنه لا يمنع اعتلال المفاصل بحمض البول ولا المضاعفات الكلوية. كما أنه لا يقلل من نسبة حمض اليوريك في الدم.
تهدف اتجاهات العلاج الأخرى إلى خفض مستوى حمض اليوريك في الدم ولكنها ليست فعالة ضد آلام المفاصل.
يجب أن يتم دعم أي تدخل جراحي لمريض النقرس بعلاج وقائي مضاد للالتهاب: الكولشيسين أو الإندوميتاسين.
يمكن أن تؤدي الرضوض إلى نوبة حادة وكذلك أي صيام تام.
يعتبر علاج النقرس الثانوي (اعتلالات الدم الخبيثة التي تخضع للعلاجات الحالة للخلايا) وقائياً ويعتمد على الألوبيورينول.
ترجمة وإعداد: د. جودت محمود الهترة – باريس / فرنسا
دمتم بخير